رسالة إلى كل مصمم

 بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هذه الرسالة موجهة لكل مصمم عربي ومسلم يؤمن بأن له في هذه الحياة رسالة لابد أن يؤديها, وقضية لا بد أن يدافع عنها ..
فما فحوى هذه الرسالة, وكيف له أن يخدم إسلامه أو عروبته من موقعه كمصمم, وليس مجرد مصمم, بل مصمم مسلم, لإسلامه عليه حق, ولهبة الإبداع التي حباه الله إياها هدف ومعنى, فنحن لم نخلق عبثا, والله لا يعطينا المواهب كي نستمتع بها بل لنعمل بها, لنهديَ, لنفيد فنستفيد.

رسالة المصمم المسلم بين دحض الرداءة ومجابهة الغرب :

علينا أن نطرح هذا الموضوع بكل جدية وصدق, وعلينا أن نتجاوز نطاق عروبتنا, فنوسع منظور الرؤية ليشملنا نحن جميعا كـ "مسلمين", نفضل ان نكون دوما بإيماننا حضاريين, نتبع ناموس الكون الأوحد, "عبادة الله" و" تعبيد العباد " للاهتداء إلى عظمة الله...
 
وطالما أن الغرب يصر على تصنيفنا - حقدا عقائديا دفينا- ضمن خانة المتخلفين البدويين, ستُرمى لا محالة على كاهل المصمم المسلم رسالة صد هذه الترهات العنصرية, ولو أن الغربي الناضج يلقي بنظرة خاطفة على بعض قنواتنا لانبهر بشدة التفتح (الفاضح أحيانا) والذي تعيشه شعوبنا بكل حرية, وبكل موضوعية نقول - لا تبريرا لهذا التفتح ولا دفاعا عنه - بأنه تفتح أفظع وأفضل من تفتح الغرب ذاته , لكون التفتح في مجتمعاتنا الشرقية يعتبر جرأة وتحديا لكل الأعراف والحدود والتقاليد .. 
بينما التفتح عند الغرب تفتح تلقائي بل عفوي لا معاناة فيه ، لكون الغرب يحيا بلا قيود اجتماعية أو دينية, بل يبيح لنفسه أن يعيش في كثير من المواقف والاحيان حرية البهائم الحيوانية.


رسالة المصمم المسلم إذن تبدأ باقتناعه بأن الذي نمتلكه من طاقة روحية وإبداعية خالصة أعظم مليون مرة من تفوق الغرب المادي السليط...
رسالة المصمم المسلم, رسالة حضارية, تحتم عليه آداءها بكل حزم ومسؤولية, لأنه في موقع متقدم مع طلائع المواجهة, مع الدعاة والاعلاميين والمثقفين, ولن نقول الساسة والدبلوماسيين لكونهم تخلوا عن هذا الدور منذ امد بعيد..

حضور المصمم المسلم, قوي في كل لحظاته وتجد بصمته على كل برنامج شاشة, فوق صفحات كل جريدة, وعلى غلاف كل شريط او كتاب... أفلا يجب إذن على هذا المصمم المسلم أن يحافظ على جودة الصورة, على جاذبيتها, على رقي ذوقها؟
بلى يجب, ويجب ويجب ...

كيف يتمكن إذن من تحقيق هذا الهدف الكبير؟
 
لنتمكن من الاجابة على هذا التساؤل الكبير تعالوا نرصد دور هذا المصمم من موقعين مميزين لا يستطيع ان يكون في غيرهما...

أولا إذا كان المصمم المسلم في موقع عملي ممتاز, يتيح له الوصول إلى شرائح كبيرة من المشاهدين او القراء أو المطالعين, كالعاملين في قطاعات الاعلام والصحافة والانترنيت أو الاشهار, فعليه ان يحرص على تنمية ذوقه الفني, وعلى تطوير معارفه البرامجية,عليه أيضا ان يطور خبراته التقنية وأن يتقن أحدث وافضل أدوات التصميم العالمية, دون أن ينسى الالمام بأكبر قدر ممكن من النظريات الاجتماعية والنفسية الحديثة, لأن رسالته تتعدى حدود معاملاته الشخصي بل تلزمه التمكن من خبرات الايصال لمختلف الشرائح الاجتماعية وتقنيات الاتصال مع جميع الثقافات ...
عليه أن يحرص على كل هذا لأنه ليس مصمما عاديا, ولأنه لا يمثل نفسه فحسب, بل لأنه يمثل "أمــة" و"ثقافة" و"دين".. لا بد ان يولي هذه الرسالة كل اهتمامه بالحرص على ابراز بصمة "إسلامه" و"شرقيته"... ولن يكون هذا طبعا إلا إذا آمن بهذا الانتماء, إلا إذا اعتز بإسلامه وتمسك بشرقيته.

أما الموضع الثاني الذي نستطيع أن نحصي دور المصمم فيه, فهو للمصمم المسلم الذي ينشر فنه من مكانه الشخصي أو من موقع محدود الانتشار, وعادة ما يحس هذا المصمم بألا مسؤولية تقع عليه, لكن عليه أن يدرك أننا جميعا معنيون بهذه الرسالة, وأن الدور آت عليه لا محالة, بل سيحمل المشعل ان عاجلا ام آجلا.. هو معني من موقعه الصغير بهذه الرسالة الكبيرة, هو ملزم بتنمية ذوقه الخاص بتمتيع ناظره بأرقى الأعمال لأفضل المصممين من كل مكان في العالم.. 
ومن ثم الاسهام في تنمية الذوق العام لمحيطه بما يملك من مواهب... من واجبه أيضا نقد الرداءة "الفنية" او "التقنية" بإبراز القوة في إبداعه (كفنان) والجودة في تصميمه (كمتقن لبرامج التصميم).. واعتقد أن أفضل أسلوب لانتقاد "العمل الرديء" أن تضع مقابله او إلى جانبه "عملا ممتازا" ثم تصمت..
إن العمل سيتحدث عن نفسه بنفسه مما يضطر المصمم البسيط مرغما إلى بذل جهد أكبر ويسعى جادا إلى التعب والسهر لأجل تحسين مستواه ومستوى اعماله كي تصل إلى القدر الأنسب من الجودة المطلوبة, هذا طبعا إن كان المصمم ايجابيا في شخصيته, أما إذا كان سلبيا فستراه بكل هدوء ينسحب عند أول عثرة, وما أكثر المنسحبين في مجتمعاتنا..
ألا ما أكثر السلبيين....

نقطة مهمة أخرى... على المصمم المسلم ألا ينسى بأن رسالته للعالم اجمع, وأن صورته وتصمميه ليست لبني قومه وعقيدته فحسب, بل هي بالأخص لمن يعارضك المبدأ والمعتقد, على المصمم المسلم أن يدرس إذن اللغة (لغة الغرب) كي يتمكن من ايصال الفكرة بأقصر جملة, وبأبلغ عبارة, كأن يستغل جمال آيات قرآنية مترجمة, أو ينقل أروع ما قيل من تراثنا مترجما, لأن التأثير ساكن في معناه, حتى وان تبدلت اللهجة او تغيرت اللغة, كل ما عليه أن يجيده هو أن يحسن الانتقاء ويتقن الاختيار... على المصمم المسلم إذن أن يحسب لمشكلة اللغة ألف حساب, كي يتجاوز بذكاء معضلة الاتصال.

هاهي ذي معالم الرسالة تتضح, و تشمل كل شرائح المصممين, المبتدئين منهم والمحترفين, العاملين في مؤسسات كبرى او الذين في ورشاتهم المتواضعة منتجين..
الرسالة إذن تتعدى الرغبة في التعبير عن ميولاتنا واحاسيسنا وتتجاوز حبنا الشخصي للأشكال والألوان..
الرسالة تحتم علينا أن نفكر مليون مرة قبل ان نختار الموضوع.. فإما أن يكون موضوعا فنيا محضا يسهم بكل مصداقية في تنمية وتحريك الأذواق المهذبة والمشاعر الخالصة... وإما ان يكون موضوعا حضاريا يحمل " فكرة ناضجة ", أويعبر عن " هدف نبيل ", يترجم " مبدأ " أويدافع عن " قضية "... عليه ألا يكون مفرغا من الروح القوية , الروح المؤمنة أوالروح الشرقية.
علينا أن نحرص كمصممين مسلمين على تحقيق أحد الوجهين في الابداع, وإن استطعنا أن نجمع الرسالتين معا " فن راقي" و " فكرة واعية " فإننا سندخل حتما ساحة الجهاد من بابه الواسع... لأننا نحمل في اعماقنا نية هادفة وسليمة وكلنا إيمان بأن الله يرى أعمالنا ورسوله والمؤمنين .

---------
بقلم سليم مكي سليم
شبكة مذهل جرافيكس

3 التـعـلــيــقــات:

  1. ماشاء الله قائمين بعمل رائع الله يحفظكم
    ياريت يا حبيايبنا ترسلوا لنا مصممين لمدرسة انصار الحبيب صلى الله عليه وسلم

    الموجودة على الرابط التالي: www.al7abib.com

    ردحذف
  2. وإياك أخي .. بارك الله فيك ..

    أشكرك لمرورك الطيب ..

    ودعوتك موجودة إن شاء الله لكل قارىء ..

    ويمكنك طلب أي تصميمات من فريق التصميم بمنتدى الطريق إلى الله ..

    http://forums.way2allah.com/index.php

    ردحذف
  3. مشكور على المدونة الرائعة ..

    بالتوفيق ..

    ردحذف